http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=784749&date=11102015
لكل منا بداية.. وما أجمل البدايات.. محبة أول كتاب قرأناه.. وفرحة أول جائزة.. كُتاب تركوا فينا بصمة لا تمحى.. وكلمة شجعتنا على مواصلة الطريق.. أصدقاء وأفراد من الأسرة احتفوا بنا وآخرون تمنوا لنا الفشل.. وعبر رحلة الكتابة تولد طقوسنا ومزاجنا الخاص. النهار تحتفي هنا بتجارب المبدعين وبداياتهم.. وفيما يلي دردشة مع الكاتب محمد تركي الدعفيس:
هل تذكر أول كتاب وقع في يدك؟
يعيدني هذا السؤال إلى ماض طاعن في القدم.. بدأت القراءة في سن مبكرة، ربما تقليداً للوالد الذي كان نهماً للمطالعة، في الحادية عشرة من عمري، وقعت بين يدي رواية جريمة في قطار الشرق السريع لأغاثا كريستي، التهمتها كجائع وقع على وجبة دسمة، ثم غادة كربلاء لجورجي زيدان، وغيرها.. ذات ليلة كنت أقرأ في رواية وكان ضوء الغرفة ينعكس على باحة المنزل حيث ينام الوالد، فطلب إليّ إطفاء النور ليتمكن من النوم، ماطلته، مرة ومرتين، وحين طلب في المرة الثالثة كان صوته حاداً وجدياً.. أطفأت النور، ولشدة تعلقي بالرواية أكملتها على ضوء خافت من مصباح للنوم، حتى انتهيت منها قرابة الفجر.. لعلي كنت أبحث حينئذ عن منارات تحدد العشق الروائي الذي سأمضي خلفه.
جائزة.. أو كلمة.. شجعتك على مواصلة الطريق؟
في الثاني المتوسط، كتبت أول قصة، ودسستها بخجل من يعترف باقتراف ذنب في يد مدرس اللغة العربية، وكان شاعراً وخطيباً، فتلقفها بترحاب شديد، وقال لي: يا ابني نحن نبحث عن أمثالك.. ومن ذاك الوقت أطلق عليّ لقب الأديب الصغير. كان ذلك تشجيعاً مفصلياً، ربما لو لم أصادفه لأحبطني وأبعدني عن هذا الطريق.
كاتب ترك بصمة مهمة عليك؟
ليس هناك كتب بعينه، لكن يعجبني الروائيون الذين يركزون على الواقعية في أعمالهم.. يلفت نظري نجيب محفوظ وحنا مينة والطيب صالح وعبده خال وخالد خليفة وغيرهم.. ويلفتني كتاب أميركا اللاتينية وعلى الأخص إدواردو غاليانو وباولو كويلو وغابرييل غارسيا ماركيز.
متى وكيف نشرت أول نص لك؟
كنت في الثاني الثانوي عام 1984، حين قام شاب فلسطيني بتفجير نفسه في رتل عسكري إسرائيلي.. كان اسمه مالك. كتبت خاطرة متأثراً بالحالة، مبتدأ بـ سبعة عشرة عاماً والاسم مالك.. الروح هائمة والجسد ظمآن.. إلخ.
أرسلت ما كتبت إلى صحيفة أسبوعية في سورية تدعى الفرات نشرت النص سريعاً، ثم توالت نصوصي المنشورة فيها.. في عام 1986 بدأت ممارسة الصحافة، فتداخل الأمران حتى لم يعد من الممكن الفصل بينهما.
كيف تفهمت الأسرة رغبتك أن تصبح كاتباً؟
في البدايات، وحين دفعت بقصتي الأولى لمعلمي،
قام بدوره بالاتصال مع الوالد ليتأكد ما إن كنت قد تلقيت مساعدة منه في كتابتها، لكن الوالد نفسه فوجئ بالأمر، وحين استفسر مني عن الموضوع، كنت أقرأ في عينيه فخراً وسعادة شديدتين.. حكى تلك القصة لرفاقه أكثر من مرة.. كنت أشعر باعتزازه كلما أعادها.. كانت تلك بداية الحماسة.
وجدت من الأسرة كل التشجيع والمساندة والاحتفاء، وحين وقعت كتابي الأول على حافة الأمنية حوّلت العائلة المناسبة إلى احتفاء خاص، كانوا جميعاً حولي، ينتعش الفرح في وجوههم، وتنتعش روحي بإحساس النجاح.
هل هناك أصدقاء شجعوك؟
نعم.. تلقيت تشجيعاً متواصلا من زملاء المهنة.. الكتاب الأول كان مجرد منمنمات تبعثرت على أوراق عدة، لكن صديقاً صحفياً قتل خلال الأزمة في سورية، كان قد طلب مني أكثر من مرة جمعها في كتاب ونشرها.. بعد مقتله وجدت أن تحقيق أمنيته بعض من الوفاء لذكراه.. ففعلت.
ما طقوسك مع الكتابة؟
ليس هناك طقس محدد، كثيراً ما أترك للكتابة أن تلح علي.. معظم رواياتي كتبتها خلال عملي الصحافي.. أكتب أحيانا قبل بدء عملي الصحفي بساعة أو ساعتين.. أحيانا بين موعدي الطبعتين الأولى والثانية.. أستمع غالباً وأنا أكتب إلى عزف منفرد هادئ على العود (آلتي الأثيرة)، أو اترك نفسي لموسيقا كلاسيكية عالمية بعيدة عن الضجيج والحماسة. التفرغ رفاهية لم أعرفها بعد، ربما في القادم من الأعمال قد أختبرها.
- تجربة أول كتاب نشرته؟
حمل عنوان على حافة الأمنية. وكما ذكرت أنه كان تحقيقاً لرغبة صديق راحل.. جربت معه التعامل مع دور النشر والقارئ والنقاد.. واستفدت منه كثيراً في الكتب اللاحقة رحيل مجموعة قصصية، ولا وقت للحلم قصص قصيرة جدا، ورواياتي الأربع الرصاصة تقتل مرتين وقوافل الريح وهي والراهب والبلم.
ماذا تعني لك الجوائز؟
غالباً ما أراها بوصلة تساعد القارئ على اختيار ما يقرأ.. حين تقف في مكتبة متخمة بالكتب فإنك تحتاج إلى من يرشح لك ما تقرأ بدل إهدار وقتك في التجريب.. الجوائز تلعب هذا الدور، هي تسلط الضوء على نتاجك، لكنها ليست فقط الحكم الوحيد على جودة هذا النتاج.
كتاب كنت تتمنى لو أنت كاتبه؟
لم أقرأ بعد عملاً تمنيت لو أنني كتبته.. أحترم كل نتاج.. لكن الأكيد أنني أرى أن نتاجي هو خلاصة فكري ووجهات نظري ورؤيتي لهذه الحياة.. هذه أشياء لا يعبر عنها الآخر كما أريد وأشتهي.
عمل تخطط لإصداره قريبًا؟
أدعي أنني صاحب مشروع روائي، فقد تناولت الحالة السورية عبر رواياتي، فتناولت كيف تفجرت الأحداث وما هي مبرراتها، وكيف انحرفت في بعض مفاصلها الزمنية حيث ركبها الانتهازيون وأثروا منها على حساب البسطاء الرصاصة تقتل مرتين، وفي قوافل الريح تناولت أحوال
أولئك الذين هربوا من جحيم الحرب لمخيمات اللجوء في الدول المجاورة، وفي البلم تناولت أولئك الذين فروا شمالاً نحو أوروبا لكنهم اصطدموا بأن الشعارات التي رفعت قبل وصولهم ليست سوى دعايات وأنهم صاروا مجرد أحجار شطرنج
تحركها المصالح والحسابات البعيدة عن الإنسانية، وفي هي والراهب عرضت لهشاشة علاقة أتباع الأديان في بلادنا وكيف يمكن لشخصين خطائين أن يفجرا صفوها.
حالياً أخطط لعمل يكمل هذا المشروع، يتعلق بأحوال أولئك الذين وجدوا أنفسهم في بلاد اللجوء في أوروبا، وكيف يتعاملون مع وضع غريب، فإن كانت رؤوسهم قد وصلت هناك، فإن أقدامهم مازالت مزروعة في تلك المواطن التي فروا منها، والتي صودف أنهم رغم الفرار منها مازالوا ملتصقين بها.
حكمتك التي لا تنساها ككاتب؟
كن دوماً في صف المطحونين حتى تجد نفسك أجمل حين تنظر في المرايا.
لكل منا بداية.. وما أجمل البدايات.. محبة أول كتاب قرأناه.. وفرحة أول جائزة.. كُتاب تركوا فينا بصمة لا تمحى.. وكلمة شجعتنا على مواصلة الطريق.. أصدقاء وأفراد من الأسرة احتفوا بنا وآخرون تمنوا لنا الفشل.. وعبر رحلة الكتابة تولد طقوسنا ومزاجنا الخاص. النهار تحتفي هنا بتجارب المبدعين وبداياتهم.. وفيما يلي دردشة مع الكاتب محمد تركي الدعفيس:
هل تذكر أول كتاب وقع في يدك؟
يعيدني هذا السؤال إلى ماض طاعن في القدم.. بدأت القراءة في سن مبكرة، ربما تقليداً للوالد الذي كان نهماً للمطالعة، في الحادية عشرة من عمري، وقعت بين يدي رواية جريمة في قطار الشرق السريع لأغاثا كريستي، التهمتها كجائع وقع على وجبة دسمة، ثم غادة كربلاء لجورجي زيدان، وغيرها.. ذات ليلة كنت أقرأ في رواية وكان ضوء الغرفة ينعكس على باحة المنزل حيث ينام الوالد، فطلب إليّ إطفاء النور ليتمكن من النوم، ماطلته، مرة ومرتين، وحين طلب في المرة الثالثة كان صوته حاداً وجدياً.. أطفأت النور، ولشدة تعلقي بالرواية أكملتها على ضوء خافت من مصباح للنوم، حتى انتهيت منها قرابة الفجر.. لعلي كنت أبحث حينئذ عن منارات تحدد العشق الروائي الذي سأمضي خلفه.
جائزة.. أو كلمة.. شجعتك على مواصلة الطريق؟
في الثاني المتوسط، كتبت أول قصة، ودسستها بخجل من يعترف باقتراف ذنب في يد مدرس اللغة العربية، وكان شاعراً وخطيباً، فتلقفها بترحاب شديد، وقال لي: يا ابني نحن نبحث عن أمثالك.. ومن ذاك الوقت أطلق عليّ لقب الأديب الصغير. كان ذلك تشجيعاً مفصلياً، ربما لو لم أصادفه لأحبطني وأبعدني عن هذا الطريق.
كاتب ترك بصمة مهمة عليك؟
ليس هناك كتب بعينه، لكن يعجبني الروائيون الذين يركزون على الواقعية في أعمالهم.. يلفت نظري نجيب محفوظ وحنا مينة والطيب صالح وعبده خال وخالد خليفة وغيرهم.. ويلفتني كتاب أميركا اللاتينية وعلى الأخص إدواردو غاليانو وباولو كويلو وغابرييل غارسيا ماركيز.
متى وكيف نشرت أول نص لك؟
كنت في الثاني الثانوي عام 1984، حين قام شاب فلسطيني بتفجير نفسه في رتل عسكري إسرائيلي.. كان اسمه مالك. كتبت خاطرة متأثراً بالحالة، مبتدأ بـ سبعة عشرة عاماً والاسم مالك.. الروح هائمة والجسد ظمآن.. إلخ.
أرسلت ما كتبت إلى صحيفة أسبوعية في سورية تدعى الفرات نشرت النص سريعاً، ثم توالت نصوصي المنشورة فيها.. في عام 1986 بدأت ممارسة الصحافة، فتداخل الأمران حتى لم يعد من الممكن الفصل بينهما.
كيف تفهمت الأسرة رغبتك أن تصبح كاتباً؟
في البدايات، وحين دفعت بقصتي الأولى لمعلمي،
قام بدوره بالاتصال مع الوالد ليتأكد ما إن كنت قد تلقيت مساعدة منه في كتابتها، لكن الوالد نفسه فوجئ بالأمر، وحين استفسر مني عن الموضوع، كنت أقرأ في عينيه فخراً وسعادة شديدتين.. حكى تلك القصة لرفاقه أكثر من مرة.. كنت أشعر باعتزازه كلما أعادها.. كانت تلك بداية الحماسة.
وجدت من الأسرة كل التشجيع والمساندة والاحتفاء، وحين وقعت كتابي الأول على حافة الأمنية حوّلت العائلة المناسبة إلى احتفاء خاص، كانوا جميعاً حولي، ينتعش الفرح في وجوههم، وتنتعش روحي بإحساس النجاح.
هل هناك أصدقاء شجعوك؟
نعم.. تلقيت تشجيعاً متواصلا من زملاء المهنة.. الكتاب الأول كان مجرد منمنمات تبعثرت على أوراق عدة، لكن صديقاً صحفياً قتل خلال الأزمة في سورية، كان قد طلب مني أكثر من مرة جمعها في كتاب ونشرها.. بعد مقتله وجدت أن تحقيق أمنيته بعض من الوفاء لذكراه.. ففعلت.
ما طقوسك مع الكتابة؟
ليس هناك طقس محدد، كثيراً ما أترك للكتابة أن تلح علي.. معظم رواياتي كتبتها خلال عملي الصحافي.. أكتب أحيانا قبل بدء عملي الصحفي بساعة أو ساعتين.. أحيانا بين موعدي الطبعتين الأولى والثانية.. أستمع غالباً وأنا أكتب إلى عزف منفرد هادئ على العود (آلتي الأثيرة)، أو اترك نفسي لموسيقا كلاسيكية عالمية بعيدة عن الضجيج والحماسة. التفرغ رفاهية لم أعرفها بعد، ربما في القادم من الأعمال قد أختبرها.
- تجربة أول كتاب نشرته؟
حمل عنوان على حافة الأمنية. وكما ذكرت أنه كان تحقيقاً لرغبة صديق راحل.. جربت معه التعامل مع دور النشر والقارئ والنقاد.. واستفدت منه كثيراً في الكتب اللاحقة رحيل مجموعة قصصية، ولا وقت للحلم قصص قصيرة جدا، ورواياتي الأربع الرصاصة تقتل مرتين وقوافل الريح وهي والراهب والبلم.
ماذا تعني لك الجوائز؟
غالباً ما أراها بوصلة تساعد القارئ على اختيار ما يقرأ.. حين تقف في مكتبة متخمة بالكتب فإنك تحتاج إلى من يرشح لك ما تقرأ بدل إهدار وقتك في التجريب.. الجوائز تلعب هذا الدور، هي تسلط الضوء على نتاجك، لكنها ليست فقط الحكم الوحيد على جودة هذا النتاج.
كتاب كنت تتمنى لو أنت كاتبه؟
لم أقرأ بعد عملاً تمنيت لو أنني كتبته.. أحترم كل نتاج.. لكن الأكيد أنني أرى أن نتاجي هو خلاصة فكري ووجهات نظري ورؤيتي لهذه الحياة.. هذه أشياء لا يعبر عنها الآخر كما أريد وأشتهي.
عمل تخطط لإصداره قريبًا؟
أدعي أنني صاحب مشروع روائي، فقد تناولت الحالة السورية عبر رواياتي، فتناولت كيف تفجرت الأحداث وما هي مبرراتها، وكيف انحرفت في بعض مفاصلها الزمنية حيث ركبها الانتهازيون وأثروا منها على حساب البسطاء الرصاصة تقتل مرتين، وفي قوافل الريح تناولت أحوال
أولئك الذين هربوا من جحيم الحرب لمخيمات اللجوء في الدول المجاورة، وفي البلم تناولت أولئك الذين فروا شمالاً نحو أوروبا لكنهم اصطدموا بأن الشعارات التي رفعت قبل وصولهم ليست سوى دعايات وأنهم صاروا مجرد أحجار شطرنج
تحركها المصالح والحسابات البعيدة عن الإنسانية، وفي هي والراهب عرضت لهشاشة علاقة أتباع الأديان في بلادنا وكيف يمكن لشخصين خطائين أن يفجرا صفوها.
حالياً أخطط لعمل يكمل هذا المشروع، يتعلق بأحوال أولئك الذين وجدوا أنفسهم في بلاد اللجوء في أوروبا، وكيف يتعاملون مع وضع غريب، فإن كانت رؤوسهم قد وصلت هناك، فإن أقدامهم مازالت مزروعة في تلك المواطن التي فروا منها، والتي صودف أنهم رغم الفرار منها مازالوا ملتصقين بها.
حكمتك التي لا تنساها ككاتب؟
كن دوماً في صف المطحونين حتى تجد نفسك أجمل حين تنظر في المرايا.