http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=786655
عن دار ذات السلاسل الكويتية صدرت رواية «البلم» وهي الرابعة للروائي السوري محمد تركي الدعفيس، وذلك بعد رواياته «الرصاصة تقتل مرتين» و«هي والراهب» و«قوافل الريح».
وجاءت الرواية الجديدة في 216 صفحة من القطع المتوسط، وتميزت بلغتها عالية المستوى، وأسلوبيتها الشيقة في السرد، وتعمقها في سبر أغوار الشخصيات وتحولاتها بين الأمل والإحباط. «البلم» هي رواية الخوف والأحلام والانكسارات، حيث يمتطي الفارون من جحيم الحرب السورية، مراكب الموت ليعبروا إلى الضفة الأخرى من العالم بحثاً عن الأمان، وخلال الرحلة يلاقون الأهوال ما يجعلها رحلة تستحق مسمى رحلة «عبور برزخ الموت». تتناول الرواية حكايات الهروب وأوجاعها، ومصائر الهاربين، الذين حملوا معهم أسرارهم وذكرياتهم، وتحوّلوا إلى مجرد أوراق يلهو بها المهربون، وتلعب بها الدول وفقا لمصالحها وسياساتها.
يعيش الهاربون لحظات الرعب الحقيقي، ويتحوّل بعضهم قرابين وضحايا للرحلة المحفوفة بالمخاطر، وحين يصلون إلى الضفة الأخرى، ويظنون أنهم لامسوا حلمهم، يصطدمون بجدران عازلة تمنعهم من مواصلة الرحلة، وتوقف تدفقهم إلى الشمال، وتحتجزهم خلفها مثل حيوانات السيرك في مجمعات تعيسة، أو مخيمات نصبوها في العراء، آملين أن تفتح الحدود أمامهم يوماً، وأن تشرع أبوابها لأمنياتهم.
وتعرض الرواية للحواجز التي بنتها أوروبا أمام المهاجرين الجدد، والتي حطمت كل آمالهم، فاضطر بعضهم للعودة، وأضطر آخرون لامتهان النصب والتدليس على الآخرين، كما اضطر البعض حتى لممارسة الدعارة، فيما استفاد قلة قليلة من مواهبهم وقدراتهم الخاصة للمقاومة والصمود.
الرواية تحكي عن شخصيات واجهت أوجاع العالم بالسخرية والضحك قبل أن يكسرها الاغتراب، عن المرأة راسخة الأفكار، واضحة الهدف، وعن السياسة وألاعيبها، وعن هروب البعض ليس فقط من الحرب، وإنما من ذكريات ضعفهم وعجزهم أمام العادات والتقاليد. «البلم» رواية تنتقل بين العام والخاص برشاقة، وترصد المناوشات السياسية والأبعاد الإنسانية للمهاجرين في أول خطواتهم نحو ما كانوا يظنونه سبيل النجاة.
شريف صالح
مقالات أخرى للكاتب
عن دار ذات السلاسل الكويتية صدرت رواية «البلم» وهي الرابعة للروائي السوري محمد تركي الدعفيس، وذلك بعد رواياته «الرصاصة تقتل مرتين» و«هي والراهب» و«قوافل الريح».
وجاءت الرواية الجديدة في 216 صفحة من القطع المتوسط، وتميزت بلغتها عالية المستوى، وأسلوبيتها الشيقة في السرد، وتعمقها في سبر أغوار الشخصيات وتحولاتها بين الأمل والإحباط. «البلم» هي رواية الخوف والأحلام والانكسارات، حيث يمتطي الفارون من جحيم الحرب السورية، مراكب الموت ليعبروا إلى الضفة الأخرى من العالم بحثاً عن الأمان، وخلال الرحلة يلاقون الأهوال ما يجعلها رحلة تستحق مسمى رحلة «عبور برزخ الموت». تتناول الرواية حكايات الهروب وأوجاعها، ومصائر الهاربين، الذين حملوا معهم أسرارهم وذكرياتهم، وتحوّلوا إلى مجرد أوراق يلهو بها المهربون، وتلعب بها الدول وفقا لمصالحها وسياساتها.
يعيش الهاربون لحظات الرعب الحقيقي، ويتحوّل بعضهم قرابين وضحايا للرحلة المحفوفة بالمخاطر، وحين يصلون إلى الضفة الأخرى، ويظنون أنهم لامسوا حلمهم، يصطدمون بجدران عازلة تمنعهم من مواصلة الرحلة، وتوقف تدفقهم إلى الشمال، وتحتجزهم خلفها مثل حيوانات السيرك في مجمعات تعيسة، أو مخيمات نصبوها في العراء، آملين أن تفتح الحدود أمامهم يوماً، وأن تشرع أبوابها لأمنياتهم.
وتعرض الرواية للحواجز التي بنتها أوروبا أمام المهاجرين الجدد، والتي حطمت كل آمالهم، فاضطر بعضهم للعودة، وأضطر آخرون لامتهان النصب والتدليس على الآخرين، كما اضطر البعض حتى لممارسة الدعارة، فيما استفاد قلة قليلة من مواهبهم وقدراتهم الخاصة للمقاومة والصمود.
الرواية تحكي عن شخصيات واجهت أوجاع العالم بالسخرية والضحك قبل أن يكسرها الاغتراب، عن المرأة راسخة الأفكار، واضحة الهدف، وعن السياسة وألاعيبها، وعن هروب البعض ليس فقط من الحرب، وإنما من ذكريات ضعفهم وعجزهم أمام العادات والتقاليد. «البلم» رواية تنتقل بين العام والخاص برشاقة، وترصد المناوشات السياسية والأبعاد الإنسانية للمهاجرين في أول خطواتهم نحو ما كانوا يظنونه سبيل النجاة.