الأربعاء، 21 يوليو 2021

يوميات 1

 

كل الأشياء هنا تبعث على الملل.

استيقظت متأخرا هذا الصباح.. لا شيء لدي لأفعله، تقلبت كثيرا في سريري، أمسكت هاتفي المحمول، استعرضت الفيسبوك ورسائل الواتس آب وقرأت كثيرا من تغريدات تويتر.. كلها أشياء فقدت طزاجتها، كأنما مررت عليها عشرات المرات.

أعدته فوق الخزانة الجانبية، وعدت للتقلب.. أزحت طرف الستارة القريبة، الطقس في الخارج غائم قليلا، هذا عهده كل يوم تقريبا حتى ونحن في منتصف الصيف.. أحيانا تتمرد بعض الأيام وتذهب بعيدا في سخونة أجوائها فتجعل الوضع أكثر كآبة ومللا.

  غير بعيد، كانت أصوات تصلني متقطعة، زوجتي وبعض الأقارب في اتصال مرئي.. الضحكات تعلو وتخفت، وزوجتي تفر بالهاتف بعيدا نحو الشرفة حتى لا توقظني الأصوات الضاحكة، لكنني سبقتها بالصحو.

أتجه إلى الحمام، وأغرق تحت موزع المياه.. أحرص أن يكون الماء باردا قليلا، ربما ينعش أطرافي المتكاسلة.. أستمر أطول من المعتاد، مستندا بكلتا كفي على الجدار، والماء يغسلني من أعلى رأسي حتى ظاهر قدمي.

أخرج متكاسلا، تستقبلني زوجتي بكوب من النسكافيه ونظرة اعتذار، وارتمي على الكنبة القريبة.. أغوص فيها بهدوء واسترخاء.

تزحف كفي ببطء شديد، تبحث عن الريموت كونترول، وأقلب قنوات التلفزيون.. نيتفلكس تعرض قائمة جديدة من الأفلام، أبحث في التقديمات التعريفية لها.. لا شيء يغريني بالمتابعة.. ألقي الريموت في مكانه.. أعود إلى الفيسبوك.. يطالعني منشور لصديق يبدأه بقوله "يتأكلني القهر".. أشتم اللغة، وأقفل الهاتف.

أخرج إلى الشرفة، أحدق في الأشجار القريبة، والمباني البعيدة.. كتل صامتة، أتساءل: ترى ما هي الحيوات التي تخفيها خلفها؟، لكن صمتها المطبق يبقى ثقيلا، لا يشي بأي إجابة أو حتى إيحاء.

أعود إلى الاستلقاء على الأريكة، أغفو قليلا.. وحين أصحو، يبدو كل شيء هادئا هدوء الموت، كأنما أوقفوا الحياة في المنزل.

أتململ قليلا، ثم أنهض، أرشق وجهي بقليل من الماء البارد، وأخرج إلى الشرفة.. ثمة نسمة باردة قليلا.. جلست على الكرسي الهزاز.. أدرت اسطوانة في قارئ الاسطوانات.. انطلق صوت سيد درويش "أنا هويت وانتهيت، وليه بقى لوم العزول".

الأنوار القليلة القريبة التي كانت تبدو هنا وهناك في الأبنية القليلة القريبة بدأت تُنطفأ مثل نجوم غادرت مداراتها.. واستمر كرسي الهزاز في تردده الخافت للأمام والخلف، واستمرت الاسطوانة تكرر "أحبه حتى في الخصام".

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق